ومن لطائف وعجائب خلقته ما أرانا من غوامض الحكمة في هذه الخفافيش التي يقبضها الضياء الباسط لكل شيء ويبسطها الظلام القابض لكل حي ، وكيف عشيت أعينها عن أن تستمد من الشمس المضيئة نورا تهتدي به في مذاهبها وتتصل بعلانية برهان الشمس إلى معارفها ، وردعها بتلالؤ ضيائها عن المضيّ في سبحات اشراقها ، واكنّها في مكانها عن الذهاب في بلج ائتلاقها ، فهي مسدلة الجفون بالنهار على احداقها ، وجاعلة الليل سراجا تستدل به في التماس ارزاقها ، فلا يرد ابصارها اسداف ظلمته ، ولا تمتنع من المضي فيه لغسق دجنته ، فاذا القت الشمس قناعها ، وبدت أوضاح نهارها ، ودخل من اشراق نورها على الضباب في وجارها اطبقت الأجفان على مآقيها ، وتبلغت بما اكتسبت من فيء ظلم لياليها ، فسبحان من جعل الليل لها نهارا ومعاشا ، والنهار سكنا وقرارا ، وجعل لها أجنحة من لحمها تعرج بها عند الحاجة إلى الطيران كأنها شظايا الآذان ، غير ذوات ريش ولا قصب ، إلا أنك ترى مواضع العروق بيّنة اعلاما ، لها جناحان لما يرقّا فينشقّا ، ولم يغلظا فيثقلا ، تطير وولدها لاصق بها ، لاجيء إليها ، يقع إذا وقعت ويرتفع إذا ارتفعت ، لايفارقها حتى تشتد أركانه ، ويحمله للنهوض جناحه ويعرف مذاهب عيشه ومصالح نفسه ، فسبحان الباريء لكل شيء على غير مثال من غيره
***-_-_-Shabab-_-_-Cool-_-_-***